كانت ايمان حجو (4 اشهر ) ترقد في كفنها الصغير في بيتها في مخيم دير البلح محاطة بالزهور وتعلوا قسمات وجهها نصف صرخة لم تكتمل بعد في الكفن كانت صغيرة واثار شظايا القذيفة التي قتلتها واضحة للغاية، لم تاخذ من النعش سوى مساحة صغيرة ربما لتترك مساحة للعلم وعشرات الورود التي تناثرت فوق جسدها الغض .جاء اطفال المخيم امس تركوا مدارسهم والعابهم واصطفوا في طابور طويل لا لكي يداعبوها ولكن لالقاء نظرة الوداع الاخيرة وهي تستعد لرحلة الجنة .
اطفال صغار بعمر الورد هتفوا لايمان التي قتلتها قذيفة ارهابية صهيونية وهي في حضن امها , جاء الاطفال لوداعها وهم لا يعرفون معنى الموت والقذائف والدبابات التي تحاصر مخيماتهم وتحيل السعادة الى حزن كبير.
توقفوا امامها في فناء المنزل محدقين في وجهها الصغير بعضهم سالت دموعهم غزيرة واخرون ارتجفوا من هول المشهد بينما انحنى بعضهم وطبعوا على جبينها الغض قبلة بريئة ومضوا يكفكفون دموعهم, جاءت جدتها (ام والدتها) وربتت بكفيها على رأسها وقبلتها , نظر الرجال فهالهم المشهد وبكوا بصمت افسح المدى لصيحات الاطفال مكبرة في الخارج الله اكبر الله اكبر.
قالت الجدة الله يرحمك يا ايمان الله يخفف عليك ومضت تدعو الله ان يأخذ (ينتقم من) قتلتها فيما انهمرت دموعها غزيرة .جاءت نساء المخيم والقين نظرة الوداع عليها , وقالت احداهن بحزن اللهم صلي على النبي ما زالت جميلة متمنية من الله ان يعوض اهلها خيرا .
وقالت اخرى ودموعها تنهمر: ماذا فعلت لكي يقتلوها ؟ اين هو العالم الحر؟ وانسحبت مع النسوة اللواتي واصلن الهتاف في الخارج مع مئات تلاميذ المدارس .(احضروا اباها ليودعها) طلب احد الشبان من الحضور.فجاء محمد حجو (20عاما) يسير على عكازتيه اثر اصابته قبل ثلاثة شهور برصاص المحتلين اثناء عمله في محافظات الضفة .
ولدت ايمان طفلته البكر وهو في محافظات الضفة لم يشهد ولادتها ولكنه فرح مع زوجته سوزان وحلما ان يرياها عروسا تزف الى عريسها وسط الزغاريد ولكنه اليوم يودعها رضيعة قبل ان تنطق بكلمة (بابا) كان شبه منهار الدموع لم تفارق عينيه وعند رأسها توقف قليلا قبل ان يخر باكيا على وجهها قبل ان يلثمها بعشرات القبل لاخر مرة.
وقال باكيا ان استشهاد ابنتي هدية لكل العرب واضاف ساخرا كانت تحمل قنابل ومدافع وصواريخ ضد اسرائيل لهذا قتلها جيش الارهابي شارون .
واضاف ان العدو الصهيوني دمر اسرتي بقتل ابنتي وجرح زوجتي وانا مازلت اعاني من جراحي برصاصة صهيونية غادرة بانتطار عمليات جراحية اخرى .
في المستشفى كانت امها سوزان تصرخ ايمان جميلة اريد ايمان احضروها لي, تواصلت مراسم الوداع الاخيرة وانتظر الاف الرجال والنساء في ازقة المخيم تحت حرارة الشمس للمشاركة في تشيع جثمانها . حضر الاطفال واصطفوا ثم حملوها على اكتافهم تماما مثل الرجال وهتفوا (بالروح بالدم نفديك يا شهيد ) واخذ احد الاطفال يبكي وهو يحتضن صورة لايمان ويقول شارون قتل ايمان وغدا نلتقي في الجنة , وهتف مئات الاطفال (يا شارون يا سفاح ليش تقتل الاطفال )
ومضوا بها الى احدى العربات والتفوا حولها ونظروا اليها بعيون دامية فيما واصلت ايمان غفوتها الابدية وبعد الصلاة عليها في مسجد المخيم انطلق موكب التشييع وسط مشاركة حاشدة من جموع اهل المخيم ومواطني المنطقة الوسطي .
وقال شاب عبر مكبرات الصوت في مقدمة الموكب قتلوا ايمان هل كانت تعد عبوة ناسفة او تصنع المتفجرات او تطلق صاروخا على المستوطنة ؟ تعالت الصرخات وشقت الهتافات طريقا عاليا وسط بيوت المخيم .
وقال شاب آخر القذيفة التي قتلت هذه الطفلة اثقل من وزنها عدة مرات وتابع يقول بحزن وهو يمسك بطفلته الصغيرة اين دعاة حقوق الانسان اين الامم المتحدة ؟ لماذا يطلقون يد الاجرام والقتل الصهيوني لتذبح شعبنا . اطلق تساؤلاته دون ان ينتظر اجوبة ومضى ساخطا مع ابنته ليلتحم مع المسيرة .
نظر كثيرون في وجوه عشرات الاطفال الذين لم ينتعل بعضهم احذيته فشاهدو مسحة الحزن الذي تسلل بوضوح من اعينهم الصغيرة وصرخ شاب من سيكون الضحية القادمة من بين الاطفال ؟ انسحب غالبية المشيعين بهدوء وفي مكان آخر كان شبان وفتية يقذفون مستوطنة (كفار داروم )اليهودية بحجارتهم ويسقطون جرحى انه مشهد اليوم في مدينة دير البلح
رحم الله الشهيد إيمان وأدخلها فسيح جناته .....